Top Ad unit 728 × 90

أخر الاخبار

أخرالأخبار

من داخل دولة الخلافة الإسلامية (خاص )


شبكة حق الإخبارية 

الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروفة اختصارا باسم "داعش". كانت مفردة داعش هي الأكثر تداولا في المجالس الخاصة، والملتقيات العامة في الأنبار، وكذلك على القنوات الفضائية، حتى أن جنديا من الدولة الإسلامية كان يتحدث إلى صاحب محل لبيع مثلجات "الآيس كريم" في مدينة القائم، 300 كيلومترا غرب مدينة الرمادي على الحدود السورية، قال مازحاً: "لو أنّ غاغارين عطس على سطح القمر لقالت الفضائيات والمحللون السياسيون إنّ جنود داعش نثروا الفلفل الهندي الحار على سطح القمر بالقرب من أنف غاغارين".
مع سيطرة جنود الدولة الإسلامية على مدن أعالي الفرات غرب الأنبار وغياب عناصر القوات الأمنية العراقية فقد غابت مفردة "داعش" بغيابهم، ولم تعد تسمعها إلاَّ همساً وعلى نطاق ضيق جداً خشية أنْ تطال قائلها عقوبة "الجلد"، أي الضرب الخفيف على الأطراف السفلية والظهر بعصا رفيعة كشكل من أشكال العقاب البدني على التلفظ بهذه المفردة التي تراها الدولة الإسلامية أنها مفردة بذيئة القصد منها إهانة التنظيم والإساءة إليه.
يولي تنظيم الدولة الإسلامية أهمية كبيرة لموضوع فرض سيطرته على المنافذ الحدودية، ومن بينها منفذ القائم على الحدود السورية غرب الأنبار، ففي ساعة متقدمة من فجر 16/6/2014، وبعد إعلان الحكومة العراقية فقدانها السيطرة على قضاء تلعفر في محافظة نينوى، هاجم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية ناحية الرمانة على الضفة اليسرى لنهر الفرات في جانب صحراء الجزيرة مقابل مدينة القائم برتل من السيارات يقدر عدده بحوالي 80 سيارة مجهزة بأسلحة متوسطة وخفيفة، تقلّ على متنها أكثر من 300 مقاتل، وطالبوا القوات العسكرية والشرطة المحلية تسليم المدينة دون قتال، لكن هذه القوات التي تسيطر على قرارها بعض الصحوات العشائرية رفضت العرض وأبدت مقاومة للمهاجمين انتهت بمقتل واصابة العشرات من الشرطة قبل فرض التنظيم كامل سيطرته على المدينة ليتخذ منها منطلقاً إلى الجانب الثاني من نهر الفرات لفرض السيطرة على مدينة الكرابلة، خمسة كيلومترات إلى الشرق من مدينة القائم، دون إراقة دماء، فيما انسحبت جميع القوات العسكرية وقوات الشرطة من مواقعها ومراكزها في مركز قضاء القائم الذي رفضت بعض العشائر التي لها ماضٍ طويل من العداء والدماء مع التنظيم تسليم المدينة دون قتال.
طالب التنظيم بتسليم عدد من المطلوبين له في مدينة القائم الحدودية، والدخول اليها دون قتال، لكن هذا الطلب جوبه بالرفض، ولم يحاول التنظيم اقتحام المدينة انطلاقاً من مدينة الكرابلة التي سيطر عليها لمدة يومين قبل أنْ يقرر الانسحاب منها لتجنيب المدنيين القتل بعد تعرضها لهجمات بقنابل المدفعية وقذائف الهاونات من اللواء 28، أحد مواقع الجيش الذي تسلمته الصحوات العشائرية مع 500 متطوع شيعي وصلوا فعلا إلى هذا الموقع، كما أعلنت قناة الأنبار الفضائية. كان السكان المحليون على ثقة عالية بأنّ فشل المفاوضات بين تنظيم الدولة الإسلامية والعشائر لا يعني تخليه عن قرار السيطرة على مدينة القائم الاستراتيجية، إنما فقط تأجيله لإعطاء فرصة أكبر لجهود التفاوض وتقديم التنازلات المتبادلة، حيث يرى تنظيم الدولة الإسلامية أهمية بالغة في مسألة فرض سيطرته على هذه المدينة لضرورات التواصل الجغرافي مع مدينة الموصل عبر صحراء الأنبار من جهة، ومن جهة أخرى منع قيام تحالف بين بعض جماعات المعارضة المسلحة العراقية السابقة والصحوات العشائرية وجبهة النصرة التي تسيطر على مدينة البو كمال في الجانب السوري، التي تعهدت بقتال التنظيم على الأراضي العراقية بالتنسيق مع تلك الجماعات قبل أحداث الموصل.
شنَّ تنظيم الدولة الإسلامية هجوماً ليلاً واسعاً على اللواء 28 في أطراف مدينة سعدة في 20/6/2014، وأعلنت "قناة التغيير الفضائية" عن مقتل قائد اللواء مع 20 ضابطاً آخرين، فيما ذكر شهود عيان أنّ المئات من المتطوعين فروا باتجاه الصحراء، أو الأراضي السورية، إضافة إلى منتسبي اللواء الذي وقع تحت سيطرة التنظيم بالكامل، وهو الموقع الذي كانت تطلق منه قذائف الهاون بشكل عشوائي على مدينة الكرابلة التي نزح سكانها إلى مناطق أخرى.
فرض مقاتلو الدولة الإسلامية سيطرتهم الكاملة على مدينة القائم بعد صلاة الجمعة 21/6/2014، وأعلنوا عبر مساجد المدينة التي كانت تبث عبارات التكبير المعهودة عن "عفو عام عن جميع عناصر الصحوات بمجرد إعلان توبتهم وتسليم ما لديهم من سلاح، وأنهم إنما جاءوا ليخلصوا أبناء المدينة من ظلم الحكومة، وأنهم لا يريدون سفك دماء المسلمين، بل الحفاظ على الدماء المعصومة"، هذا الإعلان تكررت اذاعته كذلك عبر مكبرات الصوت المثبتة على سيارات الشرطة والجيش التي استولى عليها التنظيم، وقد رفعوا عليها أعلام الدولة الإسلامية كما هو الحال على العديد من المباني والمواقع المهمة في المدينة. عصر ذلك اليوم اصطحبني سائق سيارة الأجرة في جولة حرة في المدينة، سألته عن صحة ما تناقلته قنوات فضائية معارضة للحكومة العراقية تحدثت عن سيطرة ثوار العشائر على المدينة، قال لي: "انظر يمينا وشمالا وحينما تجد أنّ هناك علماً مرفوعاً على سيارة، أو مبنى أو عمود كهرباء غير علم الدولة الإسلامية، عندها سأصدق ما تبثه تلك الفضائيات، إنَّ إنكار الواقع لا يغير من الواقع في شيء، لا أحد هنا سوى الدولة الإسلامية، هراء ما يذاع باسم المجلس العسكري، أو ثوار العشائر".
"الظلم والاهانات المتكررة وعدم احترام كبار السن أو النساء وفرض حظر التجوال من قبل القوات الحكومية التي كانت تسيطر على المدينة، جعلتنا نقبل ان يحكمنا الشيطان ولا نقبل ان تحكمنا القوات الحكومية، هؤلاء غرباء عن مدينتنا، لا نريدهم ان يحكمونا، نريد أبناء مناطقنا حتى لو كفرونا فانهم قد يقتلوننا لكنهم لا يسرقون أموالنا ولا يغتصبون نسائنا ولا يهينون كبيرنا"، يقول رجل ستيني يعمل حلاقاً، يقاطعه أحد الزبائن، "حتى لو تخلت عنا الدولة الإسلامية وانسحبت من مدينتنا فأننا سوف لن نرضى مستقبلاً ان يكون بيننا رجل أمن أو شرطي إلاَّ من أبناء محافظتنا، خلال ثلاثة أيام عشنا نوعاً من الأمان الذي كنا نفتقده، الآن نتجول ليلاً حتى الصباح لا نخشى الاعتقال العشوائي، نحن الآن آمنون على بناتنا واُمهاتنا، وعلى ممتلكاتنا"، يرد عليه حلاق شاب يعمل في نفس المحل، "كل هذا صحيح لكن لا تنسى ان الحياة العامة سوف تتعطل، الدولة الإسلامية لا تعترف بكل ما يتعلق بالحكومة العراقية، والحكومة العراقية سوف لن تعترف بكل الإجراءات الجديدة، سوف لن تتعامل مع الوضع الجديد، سندفع نحن الثمن"، يقاطعه فتى في السادسة أو السابعة عشر من عمره ينتظر دوره عند الحلاق، "سيمنعون التدخين ويغلقون المقاهي، علينا أن نلازم بيوتنا مثل النساء، نحن شباب نريد أن نلهو ونلعب كما نشاء"، وفي واقع الحال ان تنظيم الدولة الإسلامية على سبيل المثال، منع أصحاب المقاهي فقط من السماح بلعب القمار أو تناول الخمور أو ترويجها، وفيما يبدو انه يتخذ خطوات جدية باتجاه منع التدخين.
كان السكان المحليون يخشون من تحالفات جديدة ضد الدولة الإسلامية تعيدهم إلى مربع غياب الأمن الذي كانوا يعيشون فيه أثناء سيطرة القوات الحكومية على المدينة. "أبو محمد الكبيسي" من سكان القائم الأصليين، متزوج من امرأه سورية يرتبط معها بصلة قرابة من مدينة "البو كمال" الحدودية، وعلى ما يبدو فهو متابع جيد لتطورات الأحداث في سوريا، وخاصة في المناطق الشرقية منها، يقول: "لقد هرب العشرات أو المئات من الصحوات العشائرية إلى مدينة "البو كمال" التي تسيطر عليها جبهة النصرة، وهي اليوم على تماس جغرافي مباشر مع الدولة الإسلامية، ولا يفصل بين أول حاجز لمسلحي جبهة النصرة عن آخر حاجز للدولة الإسلامية من الجانب العراقي سوى أقل من مائتي متر، ومع واقع ما بينهما من اقتتال دامي منذ أكثر من عام، أخشى أنْ تكون مدينتنا مسرحاً جديداً لاقتتالهما"، لكن شيئا من هذا لم يحدث، فقد أعلنت جبهة النصرة في البو كمال بيعتها للدولة الإسلامية التي شرعت في إزالة الكتل الكونكريتية والاسلاك الشائكة التي كانت تفصل بين العراق وسوريا، كما قامت بهدم وإزالة غالبية الأبنية على جانبي الحدود، وهي بهذا تحقق أحد أهدافها المعلنة باسم هدم حدود "سايكس بيكو" بين الدول العربية، وإقامة دولة واحدة هي دولة الخلافة الاسلامية.
استعان تنظيم الدولة الإسلامية بعدد كبير من الشباب ممن لا صلة لهم بالمسلحين عموماً لتأمين حماية الأحياء السكنية والممتلكات العامة والخاصة، وهؤلاء لا ينتمون إلى أية جهة مسلحة حالية، أو سابقة، وتمَّ تنظيمهم على شكل مجاميع تعمل وفق مفهوم التأييد، أو "النصرة"، ولم تتم مطالبتهم بإعلان الولاء المطلق، "البيعة"، للتنظيم إلاَّ بعد أسابيع من المراقبة والاختبار. يجادل "أبو علي الراوي"، بأن "غالبية هؤلاء نزلوا إلى الشوارع فور دخول قوة الاقتحام، هؤلاء في حقيقتهم خلايا نائمة مرتبطة بالتنظيم منذ فترة قد تكون طويلة، أو قصيرة، لا أظنّ إلاَّ قلّةً منهم التحقوا بالدولة الإسلامية دون أنْ تكون لهم صلة مسبقة بها".
للحيلولة دون الدخول في نفق الاقتتال السُنّي السُنّي اتبعت الدولة الإسلامية سياسة نزع أسلحة السكان المحليين في المدن التي تقع تحت سيطرتها، كما حدث فور سيطرتها على مدينة القائم حيث أصدرت عفواً عن جميع منتسبي الشرطة والجيش والصحوات بعد حضورهم إلى أحد مساجد المدينة مستصحبين معهم أسلحتهم الشخصية. وهي سياسة أدانتها بيانات المجلس العسكري في الأنبار الذي يرى ضرورة بقاء السلاح بيد أبناء العشائر لقتال القوات الحكومية. لكن هذا السلاح في واقع الأمر لم يتم استخدامه في هذه المدن ضد القوات الحكومية، بل على العكس تَمّ استخدامه في بداية الأمر ضد تنظيم الدولة الإسلامية، خاصة في بلدتي الرمانة والقائم قبل السيطرة عليهما. ويبدو أنّ تنظيم الدولة الإسلامية يقرأ جيدا تاريخ التذبذب في موقف العشائر التي تصطف عادة إلى جانب القوي بصرف النظر عن هويته وانتمائه وتوجهاته. وقد أشاد الناطق العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة بموقف عشائر بلدتي القائم والرمانة في التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية، المضحك في الأمر أنّ هذه العشائر هي نفسها العشائر التي رحبت فيما بعد بسيطرة التنظيم على البلدتين، إنّها العشائر السُنيَّة إذن.
من داخل دولة الخلافة الإسلامية (خاص ) تم التعليق بواسطة غير معرف على 1:51 م تصنيف: 5

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة ل شبكة حق الإخبارية © 2014 - 2015
رئيس التحريرأحمدي محمد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.