Top Ad unit 728 × 90

أخر الاخبار

أخرالأخبار

الرد على شبهة اختراق المجاهدين أمنياً -من السيرة النبوية-


شبكة حق الإخبارية

من أشهر الشبهات الواسعة الانتشار أن المجاهدين مُختَرقُون أمنيا، وأن مخابرات الدول الكافرة أو مخابرات طواغيت العرب استطاعت أن تجند لمصلحتها بعض المحسوبين على المجاهدين، وقد يكونون من القيادات، فيفسدون الجهاد بولائهم للكفار والمنافقين.
وهذه الشبهة الخطيرة تصد كثيرا من الناس عن الجهاد في سبيل الله، وتصد عن نصرة المجاهدين الذين يقاتلون لإعلاء كلمة الله، وقد استعنت بالله على كشف هذه الشبهة بالأدلة الصحيحة الصريحة؛ ليتبين لكل منصف بطلان الاعتماد على هذه الشبهة، فأقول بيانا للحق ونصحا للمسلمين:
لا ينكر منصف أن اختراق المجاهدين أمنيا وارد في أي مكان أو زمان، بل هو وارد في كل دولة أو حزب أو تنظيم سواء كان القائمون عليه مسلمين أو كافرين.
فالقلوب لا يعلم ما فيها إلا علام الغيوب، والمنافق يظهر خلاف ما يبطن، وقد كان النفاق موجودا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله سبحانه: { وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم }، وقال عز وجل: { وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم}، فإذا كان النفاق موجودا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يُنكَر على المجاهدين أن يكون في صفوفهم منافقون لا يعلمونهم؟!!
وقد كان المنافقون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصدون الناس عن سبيل الله، وينفرون عن اتباع دين الله، كما قال الله عنهم: { ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون * أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون * اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين * لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون * يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون* استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون}، فهل كان يسوغ لأحد أن يمتنع عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والجهاد معه لوجود المنافقين في صفوف أصحابه؟!!
بل إن من علماء السوء وبعض العباد الجهلة من يصد الناس عن سبيل الله بأعماله كما حذر الله المؤمنين أن يكونوا مثل أحبار اليهود ورهبان النصارى فقال سبحانه: { ياأيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله}، فهل من الحكمة أن يترك الإنسان طلب العلم أو يترك التعبد لكون بعض المنتسبين إلى العلماء أو العباد منافقا أو فاسقا ويصد الناس عن الحق؟!!
فإذا كان النفاق والتجسس قد يوجد في أي جماعة ولا يسوغ أن نجعل ذلك مانعا من اتباع تلك الجماعة إذا كانت على الحق، فكيف نجعل وجود بعض المنافقين والجواسيس في صفوف المجاهدين مانعا من الجهاد؟!!
وقد يقول قائل: إن المنافقين والجواسيس في صفوف المجاهدين يؤثرون على الجهاد، ويوردون المجاهدين موارد الهلاك، فنقول: نعم، ما أشد أثرهم السيء على الجهاد والمجاهدين!! ولذلك قال الله عنهم: {هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون}، فهم أشد ضررا على المجاهدين من أعدائهم الظاهرين، ولكن هل يبرر ذلك ترك الجهاد لوجود هذه المفسدة؟!!
لا يمكن لمؤمن عاقل أن يقول ذلك؛ فإن ترك الجهاد أعظم مفسدة من استمرار الجهاد مع وجود بعض المنافقين والجواسيس، ومن القواعد المتفق عليها بين علماء أهل الإسلام: أن الضرر الأشد يُزال بالضرر الأخف، ويختار أهون الشرين وأخف الضررين، ويدفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما، وإذا اجتمع ضرران أسقط الأصغر الأكبر، وإذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما، انظر القواعد الفقهية لمحمد الزحيلي (1/219) والوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية للبرنو ص260.
والناظر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لا يخفى عليه قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالجهاد في سبيل الله مع وجود المنافقين والجواسيس، وكان لهم أحيانا آثارا سيئة على المسلمين كما يظهر من هذه النصوص:
قال ابن إسحاق: حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد، انخزل عنه عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الناس، وقال: أطاعهم وعصاني، ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس؟! فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب، واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام، أخو بني سلمة، يقول: يا قوم، أذكركم الله ألا تخذلوا قومكم ونبيكم عند ما حضر من عدوهم، فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لما أسلمناكم، ولكنا لا نرى أنه يكون قتال!! انظر سيرة ابن هشام (2/ 64).
قصة جاسوس قريش: معاوية بن المغيرة بن أبي العاص الذي أقام في المدينة النبوية بعد غزوة أحد يتجسس لحساب قريش عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه خارج المدينة، فلما رجع الجيش الإسلامي خرج معاوية هاربا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وعمار بن ياسر فتعقباه حتى قتلاه. انظر الرحيق المختوم للمباركفوري ص260
في شهر صفر في السنة الرابعة من الهجرة قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم من عضل وقارة، وذكروا أن فيهم إسلاما، وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعث معهم من يعلمهم الدين، ويقرئهم القرآن، فصدقهم النبي صلى الله عليه وسلم على ظاهرهم وبعث معهم ستة نفر، فلما كانوا بالرجيع- وهو ماء لهذيل بناحية الحجاز بين رابغ وجدة- استصرخوا عليهم حيا من هذيل يقال لهم بنو لحيان، فتبعوهم واقتصوا آثارهم حتى لحقوهم، فأحاطوا بهم وقتلوهم، انظر الرحيق المختوم ص 265.
في نفس الشهر الذي وقعت فيه مأساة الرجيع وقعت مأساة أخرى أشد وأفظع من الأولى، وهي وقعة بئر معونة، وملخصها أن أبا براء عامر بن مالك (المدعو بملاعب الأسنة) قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فدعاه إلى الإسلام فلم يسلم ولم يبعد، فقال: يا رسول الله لو بعثت أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى دينك، لرجوت أن يجيبوهم، فقال: إني أخاف عليهم أهل نجد، فقال أبو براء: أنا جار لهم، فبعث معه سبعين صحابيا من القراء، حتى نزلوا بئر معونة، ثم بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدو الله عامر بن الطفيل، فلم ينظر فيه، وأمر رجلا فطعنه بالحربة من خلفه، فلما أنفذها فيه ورأى الدم قال حرام: الله أكبر، فزت ورب الكعبة، ثم استنفر عدو الله لفوره بني عامر إلى قتال الباقين، فلم يجيبوه لأجل جوار أبي براء، فاستنفر بني سليم، فأجابته عصية ورعل وذكوان، فجاؤا حتى أحاطوا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتلوهم. انظر القصة كاملة في الرحيق المختوم ص 267.
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في سفر عين من المشركين على جمل أحمر، فأناخه وجلس عند أصحابه يتحدث وتغدى مع القوم، وجعل ينظر وفينا ضعفة ورقة في الظهر، وبعضنا مشاة، إذ خرج يشتد فأتى جمله ثم انفتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اطلبوه، واقتلوه»، فقتله سلمة بن الأكوع، ونفّله سلبه، انظر صحيح البخاري (3051) وصحيح مسلم (1754).
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: لو أتيت عبد الله بن أبي، «فانطلق إليه النبي صلى الله عليه وسلم وركب حمارا، فانطلق المسلمون يمشون معه وهي أرض سبخة» ، فلما أتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إليك عني، والله لقد آذاني نتن حمارك، فقال رجل من الأنصار منهم: والله لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب ريحا منك، فغضب لعبد الله رجل من قومه، فشتمه، فغضب لكل واحد منهما أصحابه، فكان بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال، فبلغنا أنها نزلت فيهم: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما}رواه البخاري (2691) ومسلم (1799).
قصة حادثة الإفك المشهورة.
قصة بني أبيرق الذين أنزل الله فيهم قوله:{ ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما * يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا * هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا}، وهي قصة مشهورة يذكرها المفسرون عند تفسير هذه الآيات في سورة النساء، وقد رواها الترمذي في سننه (3036) بإسناد حسن كما قال الألباني.
قصة غزوة بني المصطلق التي خرج مع المسلمين فيها بعض المنافقين وأنزل الله فيهم: { هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون * يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون }.
قصة المنافقين الذين خرجوا مع المسلمين في غزوة تبوك، وأرادوا أن يغتالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله فيهم: { يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا }، ولا بأس أن نذكر القصة كاملة من مسند الإمام أحمد (23792) عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أمر مناديا فنادى: إن رسول الله أخذ العقبة، فلا يأخذها أحد، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوده حذيفة ويسوق به عمار إذ أقبل رهط متلثمون على الرواحل، غشوا عمارا وهو يسوق برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل عمار يضرب وجوه الرواحل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة: ” قد، قد ” حتى هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل ورجع عمار، فقال: ” يا عمار، هل عرفت القوم؟ ” فقال: قد عرفت عامة الرواحل والقوم متلثمون قال: ” هل تدري ما أرادوا؟ ” قال: الله ورسوله أعلم، قال: ” أرادوا أن ينفروا برسول الله صلى الله عليه وسلم فيطرحوه ” قال: فسأل عمار رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: نشدتك بالله، كم تعلم كان أصحاب العقبة فقال: أربعة عشر فقال: إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر، فعذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ثلاثة قالوا: والله ما سمعنا منادي رسول الله، وما علمنا ما أراد القوم، فقال عمار: أشهد أن الاثني عشر الباقين حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد، وذكر أبو الطفيل في تلك الغزوة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس: وذكر له: أن في الماء قلة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى: ” أن لا يرد الماء أحد قبل رسول الله فورده رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد رهطا قد وردوه قبله، فلعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ” وهذا الحديث صحيح، قال الأرناؤوط في تحقيق مسند أحمد: إسناده قوي على شرط مسلم.
ونكتفي بهذه الأمثلة العشرة التي تثبت بوضوح وجود بعض المنافقين والجواسيس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا يشاركون المسلمين في الجهاد، وفي هذا أبلغ رد على من يريد جهادا بعد النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاق فيه!!
ولا يعني هذا أن يستهين المجاهدون بأمر المنافقين والجواسيس، بل يجب الحذر منهم كما قال الله تعالى: { هم العدو فاحذرهم}، لكن لا يجوز اتهام أحد بالنفاق أو التجسس بلا بينة، روى أحمد في مسنده (5385) بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال “، وردغة الخبال عصارة أهل النار أعاذنا الله منها.
فنحن مأمورون بمعاملة الناس بحسب الظاهر، فمن أظهر الجهاد لإعلاء كلمة الله فلا نتهمه بالنفاق والتجسس، ولا نظن به ظن السوء بلا بينة، قال تعالى: { ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم}.
وما أحسن ما رواه البخاري (2641) عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ” إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا، أَمِنَّاهُ، وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه، ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة “.
هذه هي الطريقة السليمة في التعامل مع المجاهدين ومع الناس عموما، فمن أظهر الخير قبلنا ذلك منه، والله أعلم بسريرته، فالحكم يكون بالظاهر والله يتولى السرائر، فمن كان علمانيا أو اشتراكيا أو بعثيا أو كان جنديا أو ضابطا مع بعض أنظمة طواغيت العرب وتاب قبلنا ذلك منه، بل من كان يهوديا أو نصرانيا وتاب من الكفر قبلنا ذلك منه، روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله».
فإن جاهد لإعلاء كلمة الإسلام وكان مخلصا في جهاده نفعه ذلك، كما قال تعالى:{ ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه}، وإن كان منافقا أو جاسوسا يظهر الجهاد وهو لا يريد إعلاء كلمة الله بل يريد حظا من الدنيا إما من الغنائم أو من المخابرات التي يعمل لصالحها ويبيع دينه بعرض من الدنيا؛ لم ينتفع بجهاده، وإن انتفع المسلمون بقتاله معهم، فإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، وقد وقع مثل هذا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ففي صحيح البخاري (3062) ومسلم (111) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، فقال لرجل ممن يدعى بالإسلام: «هذا من أهل النار» ، فلما حضرنا القتال قاتل الرجل قتالا شديدا، فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الرجل الذي قلت له آنفا: «إنه من أهل النار» فإنه قاتل اليوم قتالا شديدا، وقد مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إلى النار»، فكاد بعض المسلمين أن يرتاب، فبينما هم على ذلك إذ قيل: إنه لم يمت، ولكن به جراحا شديدا، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح، فقتل نفسه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: «الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله» ، ثم أمر بلالا فنادى في الناس: «أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وأن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر»، وفي الصحيحين أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد له فلما نزلنا الوادي قام العبد يحل رحله، فرُمي بسهم فكان فيه حتفه، فقلنا: هنيئا له الشهادة يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلا والذي نفس محمد بيده، إن الشملة لتلتهب عليه نارا أخذها من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم» ، قال: ففزع الناس، فجاء رجل بشراك أو شراكين فقال: يا رسول الله، أصبت يوم خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شراك من نار أو شراكان من نار».
وأخيرا ننبه على أنه يجب على أهل الحل والعقد من المجاهدين أن لا يولوا القيادات والأعمال المهمة إلا من يغلب على ظنهم صدقه وإخلاصه وكفاءته وأمانته، ثم إن ظهر من بعضهم ريبة فلكل حادثة حديث، فلو كان الأمير منافقا أو جاسوسا فلن يستطيع أن يستمر على عمل ما شاء من الفساد؛ لأن الشريعة جعلت الطاعة بالمعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وجعلت النصح للأمير واجب، فإن ظهر من الأمير ريبة شُرع عزله والحمد لله، وقد كان من سيرة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم في فتوحاتهم أنهم لا يولون قيادة الجيوش إلا من عرف بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم وعدم الردة بعد وفاته، قال الحافظ ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة (1/ 159): روى ابن أبي شيبة في مصنّفه من طريق لا بأس به أنهم كانوا في الفتوح لا يؤمّرون إلا الصحابة، وكان عمر رضي الله عنه لا يول أحدا ممن ارتد وتاب وإن كان ذا خبرة وكفاءة، قال ابن عبد البر في الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/ 773): ذكر ابن أبي شيبة عن ابن عيينة عن عبد الملك بن عمير قال: كتب عمر إلى النعمان بن مقرن: استشر واستعن في حربك بطليحة وعمرو بن معديكرب، ولا تولهما من الأمر شيئا، فإن كل صانع أعلم بصناعته.
نسأل الله أن ينصر المجاهدين الذين يقاتلون لإعلاء كلمة الله، ويسعون لتحكيم شريعته، ونسأل الله أن يهديهم ويسددهم ويثبت أقدامهم ويربط على قلوبهم، وأن يؤلف بين قلوبهم، ويصلح ذات بينهم، ويوحد صفوفهم، ويجمع كلمتهم على الحق، ونسأل الله أن يقيهم شر نفوسهم وشر شياطين الإنس والجن، والحمد لله رب العالمين
الرد على شبهة اختراق المجاهدين أمنياً -من السيرة النبوية- تم التعليق بواسطة غير معرف على 8:50 م تصنيف: 5

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة ل شبكة حق الإخبارية © 2014 - 2015
رئيس التحريرأحمدي محمد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.